مكانة المسجد في الاسلام

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له،

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ (1)

﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾(2)

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾ (3)

أما بعد:

فإن المسجد في الإسلام له أهمية عظيمة في حياة المسلمين ذلك إن المسجد هو رمز الإسلام وقلعة الإيمان وبيت المؤمنين الأتقياء محل اجتماعهم ودار ندوتهم وبه عزهم ورفعتهم وهو رمزهم الذي تتمثل به قوتهم وتتوحد فيه كلمتهم وتتجسد فيه كل معاني الخير والفضيلة وهو الذي بدونه تتفرق كلمتهم وتذهب ريحهم وينفرط عقدهم قال تعالى:  ﴿إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآَتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ﴾ (4).

اهتم به صلى الله عليه وسلم وكان أول بيت بناه لما نزل المدينة قبل أن يكون له بيت واهتم الخلفاء الراشدون فيه من بعده ثم تبعهم بذلك المسلمون، وكيف لا يكون ذلك وقد حثهم الله على بنائه في مواضع عديدة في كتابه

قال تعالى: ﴿فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآَصَالِ * رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ * لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾ (5).

وقال عليه الصلاة والسلام:« مَنْ بَنَى لِلَّهِ مَسْجِدًا، بَنَى الله لَهُ مِثْلَهُ فِي الْجَنَّةِ»، وعن عائشة قالت: أمر رسول الله صلى الله عليه و سلم ببناء المساجد في الدور وأن تنظف وتطيب.

والمسلمون مأمورون بعمارتها معنويا وماديا فعمارتها المعنوية بإقامة الصلاة وإظهار شعائر الإسلام . وعمارتها المادية ببنائها والإهتمام بها

وفي الحديث: « سبعةٌ يظلّهم الله في ظلِّه يوم لا ظلّ إلّا ظلّه... ـ وذكر منهم ـ رجلٌ قلبه معلق بالمساجد».

قال شيخ الإسلام ابن تيمية:

وَكَانَتْ " مَوَاضِعُ الْأَئِمَّةِ، وَمَجَامِعُ الْأُمَّةِ " هِيَ الْمَسَاجِدُ؛ فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَسَّسَ مَسْجِدَهُ الْمُبَارَكَ عَلَى التَّقْوَى: فَفِيهِ الصَّلَاةُ، وَالْقِرَاءَةُ، وَالذِّكْرُ؛ وَتَعْلِيمُ الْعِلْمِ، وَالْخُطَبُ، وَفِيهِ السِّيَاسَةُ، وَعَقْدُ الْأَلْوِيَةِ وَالرَّايَاتِ، وَتَأْمِيرُ الْأُمَرَاءِ، وَتَعْرِيفُ الْعُرَفَاءِ، وَفِيهِ يَجْتَمِعُ الْمُسْلِمُونَ لِمَا أَهَمَّهُمْ مِنْ أَمْرِ دِينِهِمْ وَدُنْيَاهُمْ.

 


(1) آل عمران: 102.

(2) النساء: آية 1

(3) الأحزاب: ٧٠ - 71.

(4) التوبة: ١٨.

(5) النور: ٣٦ – ٣٨.